من هنا ينبغي أن نعي أن القرآن كلام الله المقدس المتعبد بتلاوته والشامل بهدايته جميع الخلق، فهو ليس لبلد أو جماعة أو طائفة أو حزب، ولعل بعض جماعات الإسلام السياسية رفعت هذا الشعار منذ عشرينات القرن الميلادي المنصرم وتبنته في أدبياتها. وغدت عبارة «القرآن دستورنا» شعاراً لحزب يريد تطويع الدنيا لنفسه باسم الدين، وإن اعتسف النصوص ولوى أعناق الأدلة لإثبات شرعيته، والشعوب اليوم أذكى من أي سياسي مناور يجهد في سبيل تأجيل تبني بعض الأفكار والأطروحات الإصلاحية، ومنها صياغة دستور يُحتكم إلى مواده وفقراته بعد تحرير الفقه الإسلامي من احتلال الفكر القاصر والمتعصب ضد المخالف أو الإنسان أو المرأة مبرراً ذلك بعدم تقبل الأكثرية له، ووضعهم فرضيات ومحاذير لا سند لها من نصوص دينية سوى ما يُنقل من سياقات تاريخية مغلوطة أو مُدجّنة، واستحضار بعض أحداث وصور الماضي لتكون أصولاً يقاس عليها ويُبرر بها الحاضر، وربما توافرت الرغبة عند البعض إلا أن التردد والبطء يحرق أوراق الفرص، والتؤدة والرويّة محمودة إلا في هذا الأمر فإنها غير محمودة، فالدستور وسيلة رُقي لتأصيل مبدأ المدنية التي يعيشها الناس في السعودية، بل حتى رموزهم الدينية فالملاحظ أنهم يفصلون السياق الديني عن الواقع الحياتي في بيوتهم وأسفارهم ومع أهليهم وذرياتهم وعلاقتهم بالآخر أياً كان، ما يشعرنا بازدواجية تُسوّق علينا من الدين ما يحد من نشاطنا الإنساني ويحرمنا من المشاركة الشعبية من خلال مؤسسات المجتمع المدني، الذي هو سند وسياج لحماية الدولة وضمان استمرارها.

كتابة تعليق

انتبه: لم يتم تفعيل اكواد HTML !
    رديء           ممتاز
التحقق

القرآن ليس دستورا

  • دار النشر : رياض الريس للكتب والنشر
  • المؤلف : علي الرباعي
  • ISBN : 9789953215792
  • عدد الصفحات : 198
  • سنة النشر : 2014
  • عدد المجلدات : 1
  • نوع الغلاف : غلاف
  • حالة التوفر : متوفر
  • الوزن : 0.00000000
  • الأبعاد : X 14.00000000 X 21.00000000
  • $10.00

  • السعر بدون ضريبة : $10.00