قد تطور مفهوم فلسفة التاريخ في الدراسات التاريخية الحديثة، فأصبح يشير إلى معنيين اثنين من جوانب دراسة التاريخ، المعنى الأول يجعل من فلسفة التاريخ دراسة لمناهج البحث من حيث الطرق المستعملة في الكتابة التاريخية، ونوعية الوثائق المعتمدة، وكيفية التحقق من الأخبار، ومدى الموضوعية والحياد في تحليل الأحداث، وتهدف هذه الدراسة إلى القيام بفحص دقيق لمنهجية المؤرخ التاريخية.

أما المعنى الثاني فلسفة التاريخ والأكثر أهمية وانتشاراً، فهو تقديم وجهة نظر عن المسار التاريخي ككل، وهذا المعنى الأخير يفيد الاهتمام بالأسباب والعوامل التي يؤدي إلى ظهور أنماط معينة في حركة التاريخ، واكتشاف القوانين المتحكمة في ذلك، ومن ثم إمكانية التنبؤ بسير المستقبل البشري.

وقد ظهرت وجهات نظر مختلفة قدمت تصورها العام لمسار التاريخ أشهرها القول بالتطور نحو المجتمع الحر كما هو عند فريديرك هيغل، أو تحقيق مجتمع اللاطبقات كما هو عند كارل ماركس، أو تحقي إرادة الله كما هو عند القديس المسيحي أوغسطينوس، أو الدورة الحضارية كما هو عند عبد الرحمان ابن خلدون وباتيستا فيكو وأوزفالد اشبنجلر وارنولد توينبي، وغيرها من النظريات الأخرى.

وهذا التعدد الموجود في نظريات فلسفة التاريخ مرده إلى أن التفسيرات التاريخية للحوادث لا تعدو كونها اجتهادات بشرية قابلة للنقد والمراجعة.

وقد حاول هذا البحث التطرق إلى أهم هذه النظريات، وحاول قدر الإمكان الاقتراب من الفهم الفلسفي للقضايا التاريخية وإبراز السنن التي تتحكم في قيام الدول والحضارات، والعوامل التي تؤدي إلى سقوطها وانهيارها، وذلك بطريقة يغلب عليها الطابع الوصفي أحياناً، مع استحضار بعض الرؤى النقدية أثناء مناقشة وتحليل صياغة كل واحد من فلاسفة التاريخ لنظريته الخاصة.

وقد تم تقسيم الموضوع إلى ثلاث فصول: الفصل الأول: عبارة عن مدخل بعنوان "مفاهيم"، الغرض منه توضيح أهم المصطلحات والمفاتيح المرتبطة بفلسفة التاريخ عموماً وإبراز العلاقات الموجودة بين الفكر التاريخي والفكر الفلسفي خصوصاً.

الفصل الثاني: تم تقسيمه إلى مبحثين: المبحث الأول: بعنوان التفسير المثالي للتاريخ (نموذج جورج هيغل). المبحث الثاني: بعنوان التفسير المادي للتاريخ (نموذج كارل ماركس).

وقد تم التطرق في هذا الفصل إلى أهم الاختلافات الموجودة بين هاتين المدرستين المبنيتان على الجدل الديالكتيكي، مع إبداء بعض الملاحظات والتعليقات النقدية أثناء العرض والتحليل.

الفصل الثالث: بعنوان نظريات التعاقب الدوري للحضارات في التاريخ، مع تفصيل في محاورها، مقتصرين على قراءات كل من عبد الرحمان ابن خلدون وفيكو واشبنجلر وتوينبي، باعتبارها أهم المظريات في فلسفة التاريخ وأشهرها. 

كتابة تعليق

انتبه: لم يتم تفعيل اكواد HTML !
    رديء           ممتاز
التحقق

في فلسفة التاريخ

  • دار النشر : الدار العربية للعلوم/لبنان
  • المؤلف : خاليد فؤاد طحطح
  • ISBN : 9789953877273
  • عدد الصفحات : 127
  • سنة النشر : 2009
  • عدد المجلدات : 1
  • نوع الغلاف : غلاف
  • حالة التوفر : متوفر
  • الوزن : 0.00000000
  • الأبعاد : X 14.00000000 X 21.00000000
  • $4.50

  • السعر بدون ضريبة : $4.50