يعد صدور هذه الطبعة الثالثة من مذكرات سليمان فيضي إضافة مهمة الى تاريخ العراق الحديث. والكتاب في طبعته الجديدة، وهي في ضعف حجم الطبعتين، يكاد يكون بعد ما يكون كتاباً جديداً بعد ما أدخل عليه من إضافات وتعديلات، وكلها مستقاة من مظانها الأصلية في أوراق المؤلف ووثائقه، إضافة الى الوثائق الاخرى، بما فيها الوثائق البريطانية التي فتحت بعد وفاة المؤلف بسنوات طويلة، وبذا جاءت هذه الطبعة كاملة كما وجدت في مسوّدتها الأصلية.

كان سليمان فيضي من الموجّهين الأوائل للحركة الوطنية في العراق، بل من روّاد الفكر القومي في الوطن العربي، ولذلك تعد حياته صفحة من صفحات الجهاد الوطني في سبيل العراق واستقلاله السياسي ونهضته الاجتماعية. وكان رحمه الله من أبرز المقاومين لطغيان الاتحاديين ومن أصلب المناؤئين للاستعمار، وقد حجز في البصرة بعد الاحتلال البريطاني حتى عام 1919 وعاصر تأسيس الحكم الوطني في العراق، ورافق مسيرته وشهد كل أدواره حتى وفاته في مطلع عام 1951.

وتسرد هذه المذكرات:

- تكوين الأحزاب الأولى في البصرة (1911ـ1914) ومسيرتها ـ وكان سليمان فيضي معتمداً لها ـ دور الأحزاب في مقاومة الاتحاديين ـ الدعوة الى اللامركزية، حركات الوطنيين في مدن العراق الرئيسية الثلاث.

- سجلاً عن "مجلس المبعوثان" العثماني في دوراته الاخيرة قبل الحرب العالمية الأولى، ومواقف زملائه المبعوثين (النوّاب) العرب في ذلك المجلس ومطاليبهم.

- مفاوضات السيد طالب والإنكليز قبل قيام الحرب، وكان سليمان فيضي أقرب أعوانه وأنشط مستشاريه.

- مرافقته السيد طالب إلى نجد ومفاوضاته مع السير برسي كوكس بشأن ذهاب السيد طالب الى المنفى.

- حالة البصرة بعد الاحتلال، ومفاوضاته مع لورنس وسجل الحوار بينهما.

- حالة بغداد وانقسام الرأي العام الوطني عام 1920 ـ لجنة الانتخابات العراقية ومحاضر مذاكراتها ـ قيام ثورة العشرين ـ الاتفاق على تتويج الأمير فيصل ملكاً على العراق.

- وصفاً لإمارة عربستان التي كان معتمداً فيها الى حين سقوطها بنفي الشيخ خزعل الى طهران.

- أحداثاً في مسيرة الحكم الوطني، وخاصة ما أعقب توقيع معاهدة 1930 ـ أحداث انقلاب بكر صدقي وسقوط وزارة ياسين الهاشمي خلال عضويته في مجلس النواب.

كتاب مهم لا غنى لكل من يدرس تاريخ العراق الحديث أو يكتب عنه، عن الرجوع إليه.