العلم قوة رئيسية تدعم التغيير التاريخي وتحدث التغيير على المستويات الشخصية والاجتماعية والمنظماتية والوطنية والدولية. وآثار التغيير موجودة في كل مكان حولنا. وتختلف درجة التغيير من مجتمع إلى مجتمع، وهي مرتبطة بقدرة المجتمع على القيام بنشاط جماعي مدعوم. ويسلط الضوء اليوم أكثر من أي وقت مضى على دور العلم لأنه يهدف الى تنشئة الانسان تنشئة سليمة متوازنة، والى بناء الشخصية الانسان بناء متكاملاً من الناحية العقلية والجسدية والاجتماعية والروحية والانفعالية والجمالية. وإن محاولات الاصلاح والتطوير يجب أن لا تقتصر على مجرد قواعد وقوانين وتشريعات أو وسائل الكترونية وأساليب وأدوات، بل التركيز على العنصر البشري أي الكوادر والقيادات التربوية في اختيارهم وإعدادهم وتدريبهم. هذا الاهتمام بالعنصر البشري هو شرط أساسي وهام لأي عملية إصلاح أو تطوير للأنظمة التربوية السائدة. وفي هذا العصر الذي نعيشه، عصر التفجر المعرفي، عصر المكتشفات العلمية والمخترعات التقنية وتطوير وسائل الإعلام والاتصال، يتعرض الإنسان العربي عامة والأجيال الناشئة خاصة إلى غزو ثقافي عبر وسائل تقنية عديدة لعل أبرزها الأقنية الفضائية وما تقدمه من مواد إعلامية وثقافية تحمل رسائل متنوعة. إن هذا الغزر يستهدف التربية العربية برمتها، يستهدف تشويه التاريخ والتراث، محو الهوية، تقليص الانتماء، افساد القيم، تشويه ما هو أصيل. لهذا فإن مهمة التربية تبدو اليوم أكثر أهمية وخطورة في مواجهة تحديات العصر وتسليح الاجيال بالعلم والمعرفة والوعي والثقافة والارادة وحب الوطن، والانتماء القومي، والاعتزاز بما هو حضاري وأصيل.